للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الخميس، 10 أكتوبر 2013

" المجرات الرضيعة:" أهلاً ، مرحباً !


المجرات "الرضيعة": أمل جديد؟ (الصورة من غوغل


( I )

الأعلان  كان مذهلاً بما فيه الكفاية :
علماء الفضاء الاميركيون يسجلون إكتشاف  مجرات " رضيعة " جديدة ، تشبه مجرتنا درب التبانة التي ولدت بعد  5 آلاف مليون  سنة إثر " الانفجار العظيم " الذي أفرز الكون وقواه الرئيسة الأربعة .
المجرات وصفت بانها رضيعة، لانها لاتزال في طور التكوين. فالنجوم الجديدة تبرز فيها بأعداد ضخمة ، برغم انها لن تبلغ ضخامة عدد نجوم مجرتنا التي يقدرّ عددها بنحو 200 مليار
 شمس .
وهذا الأكتشاف أكبر دليل على أن علمية الخلق في الكون ما تزال مستمرة . الامر ، كما قال الدكتور تيم هيكمان ، من جامعة جون هوبكينز، " أشبه بالنظر عبر النافذة ، ومشاهدة الديناصورات وهي تمشي خطواتها الاولى على الأرض ".
بكلمات أوضح : سيتمكن العلماء الان من رؤية عملية الخلق وهي قيد التنفيذ ، حيث تقوم غيوم هائلة من الغازات والأغبرة سحيقة القدم بتشكيل النجوم والاجرام السماوية الأخرى. وهذا قد يلقي بدوره بعض الأضواء عما جرى بعيد " الانفجار العظيم  " .

( II )

ماذا يعني هذا الاكتشاف بالنسبة إلينا نحن البشر ؟.
الكثير.
فإضافة الى تقديمه فرصة ذهبية أخرى لتوسيع المعارف والمدارك البشرية، فإنه يناقض كل النظريات الفيزيائية الحالية التي " تبشرنا " بأن مصير كوننا هو إما الموت برداً ( مع تمّدد الكون ) أو حرقاً ( مع تقلصّه ) . الان ثمة مجال بأن تكون عملية الخلق المستمرة مدعاة أمل لحياة مستمرة في هذا الوجود العجيب.
اكثر منذ ذلك: المجرات الرضيعة وإستمرار الخلق  قد تعززان الامال بأنه لايزال امام البشر متسع من الوقت ( فلكياً )  كي يتمكنوا من الأنتشار في الفضاء وإستيطان المجرة .
أول من وضع هذا الأمل في صيغ علمية واضحة كان  عالم الفضاء البارز ايان كرافورد، الذي  يهتم بالفلسفة و" الماورائيات"  قدر إهتمامه بالعلم و " الأاماميات " " ( بالاذن من الاخوة  الفلاسفة  ) . وهو  نشر   دراسة ممتعة في " ساينتيفيك اميركان " ، قدّم فيها عيّنة عن معنى التاريخ والحضارات والزمن والحياة بالنسبة لعلماء الفضاء ، ثم توصل الى محصلات في غاية الاثارة والامتاع :
n                خلال السنوات الخمس الماضية ، أثبت العلماء وجود عشرات النجوم التي تشبه الشمس في مجرتنا والتي تدور حولها كواكب بحجم المشتري . وعلى غم أنهم لم يكتشفوا بعد كواكب تشبه الارض، الا انهم واثقون من وجودها وبكثرة .
n                لكن، وحتى لو كانت الكواكب الارضية موجودة ، فهذا لن يعني بالضرورة وجود حضارات تكنولوجية متطورة فيها . فالديناصورات سيطرت على كوكبنا لمدة 160 مليون سنة ، ومع ذلك لم تتمكن من التطور الى مخلوقات منتجة للتكنولوجيا . لا بل أن تطور الذكاء على الكوكب الازرق لم يكن ممكنا  لولا انقراض الديناصورات عن طريق الصدفة، اما بسبب عصر جليدي جديد أو لسقوط نيزك كبير على سطح الارض .
n                بما ان عرض درب التبانة يبلغ 100 ألف سنة ضوئية ، وبما ان متوسط بروز زمن ظهور  الحضارات الذكية هو 10 آلاف سنة ، فأن أي حسبة بسيطة تقود الى الاستنتاج بان اي حضارة تكنولوجية تحتاج الى 5 ملايين سنة لاستيطان المجرة كلها. وبرغم أن هذه فترة طويلة بالنسبة للبشر ، الا انها  لا تشكل سوى 5 0 ، 0 بالمائة من عمر المجرة .
ولو ان اي حضارة ذكية أخرى سبقت حضارتنا البشرية على الارض، وكانت ذات نزعة توسعية مثللنا ، لكانت قد استوطنت الان كل المجرة ووضعت كوكبنا تحت سيطرتها .
n                 لكن ، وطالما اننا لم نعثر بعد على مخلوقات ذكية أخرى في الفضاء ، فلا يسعنا الا الاستنتاج بأن الحياة المنتجة للتكنولوجيا على الارض كانت اسبق من غيرها من الحيوات الاخرى في مسيرة التطور والارتقاء .
ومن هذه المقدمات ، يصل كروفورد الى محصلته المثيرة : قدر الجنس البشري هو نقل الحياة الى كل المجرة واستيطانها. وهو يعتقد أن ذلك ممكن. أذ ليس ثمة مبدأ في الفيزياء او قواعد الهندسة يستبعد امكانية السفر بين النجوم . وحتى في أوائل عهد الفضاء أكد المهندسون أن استراتيجيات الدفع الذاتي الصاروخي يمكن ان تصل سرعتها الى 10 أو 20 بالمائة من سرعة الضوء . وهذا ما يسمح بالسفر الى أقرب النجوم في غضون عقود قليلة .
لا بل هو واثق من أن ترحال البشر بين مجموعات النجوم سيكون أمرا حتميا ، بهدف الحفاظ على الجنس البشري. أذ أن عمر كوكب الارض محدود، ناهيك عن انه مهدد بكوارث فلكية خطيرة كتساقط النيازك المدمرة أو عودة العهود الجليدية لسبب ما .
( III )
خلاصات مقنعة او مجرد خيالات علمية ؟.
نستطيع أن نختار ما نشاء من الاحكام بدون الخوف من أن نقع في خطا الحسابات. اذ أننا لن نكون موجودين لا بعد 50 سنة ولا بالطبع بعد 5 ملايين سنة لنتعرض الى التقريع بسبب سوء احكامنا!.
لكن  هناك شيء آخر قد يكون اكثر اهمية:  قبل فترة قصيرة كاد مذنب يصطدم بالارض. ولو فعل،  لكنا نحن البشر قد إنضممنا الان الى خبر كان الذي سبقتنا اليه    الديناصورات المنقرضة.
وهذا مايعطي نظريات ايان كروفورد صدقيتها: فإما ان يتنقل الجنس البشري الى الكواكب الاخرى، او يكون عرضة في أي حين للانتقال الى اليوم الآخر. وهي صدقية سيعززها الان  إكتشاف المجرات الجديدة ، الذي سيعني ان عامل الزمن ليس وراءنا بل لازال أمامنا .
 المجرات الرضيعة : أهلاً، مرحباً ! .

سعد محيو 

                                




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق