للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الخميس، 22 أغسطس 2013

كارثة الغوطة: أوباما بانتظار.. "قرار" إسرائيل!



- I -
أربعة احتمالات قد تفسِّر إقدام النظام السوري على استخدام أسلحة دمار شامل في الغوطة، سواء كان ذلك من خلال غاز السارين، أو مادة الكلورين الصناعية الكيميائية، أو مزيج من القذائف التقليدية والكيميائية.
الأول، أنه كان مصراً على اجتياح الغوطتين بأي ثمن، لاستكمال خططه الخاصة بإحكام السيطرة على العاصمة دمشق. وبما أنه ووجه طيلة الأشهر الماضية بمقاومة ضارية منعته من تحقيق أهدافه، لجأ إلى هذه الأسلحة الفتاكة التي أودت خلال دقائق بحياة المئات.
الثاني، أن النظام لم يكُ ليُقدم على هذه الخطوة لولا ثقته بأن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لن تتدخل بقوة رداً على هذا التصعيد. وهو بنى هذه الثقة على فشل واشنطن في منع الانقلاب العسكري في مصر ضد الإخوان المسلمين، وعلى الشلل الدولي إزاء اللااستقرار في ليبيا وتونس واليمن، هذا علاوة بالطبع على الحصانة التي توفرها له روسيا والصين في مجلس الأمن.
الثالث، أن النظام أراد إطلاق رسالة واضحة إلى كل السوريين القاطنين في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة، مفادها أنه لن يتوانى عن قتلهم بالمبيدات الكيميائية، إذا ماواصلوا لعب دور الحاضنة لهذه القوات أو حتى وقفوا على الحياد.
والاحتمال الرابع والأخير هو أن قيادة النظام فقدت قدرة السيطرة والإدارة في مراتب الجيش، أو في الميليشيات الطائفية التابعة له، فقامت فصائل منها باستخدام اسلحة الدمار الشامل من تلقاء نفسها.
- II
أحد هذه الاحتمالات، أو كلها أو معظمها، قد تفسّر لماذا يمكن للنظام أن يجرؤ على ارتكاب هذه المذبحة (التي يصنِّفها القانون الدولي في باب الجرائم ضد الانسانية)،  فيما فريق من 20 خبيراً دولياً في الأسلحة الكيميائية موجودون في دمشق على بعد خمس دقائق بالسيارة من الغوطة.
فهل تنجح رهانات النظام ويحقق أهدافها الداخلية في إرهاب السوريين، من دون أن يواجه أي عقاب دولي في الخارج؟
إذا ما انطلقنا من التوجهات الراهنة للإدارة الأميركية، سنرد سريعاً بـ"نعم". إذ أن هذه الإدارة "تقاتل" قتالاً شرساً منذ أكثر من سنتين ضد كل المطالبات لها بالتدخل لوقف المذبحة السورية. وهي كانت لاتزال على موقفها، حتى بعد أن أكدت كل معلومات مؤسساتها الأمنية والدبلوماسية أن رفضها دعم قوى المعارضة السورية المعتدلة، أدى إلى ارتفاع عدد المقاتلين الجهاديين الأجانب في سورية إلى أكثر من 20 ألف مقاتل. وهذا عدد قادر (في إطار حروب العصابات والعمليات الأرهابية) على تدمير استقرار كل منطقة الشرق الأوسط، ومعها العديد من أوجه الأمن الدولي.
لكن، إذا ماتأكد في مقبل الأيام أن النظام السوري استخدم بالفعل شكلاً من أشكال الأسلحة الكيميائية، فستكون إدارة أوباما في وضع حرج للغاية، ليس لأنها ستكون مضطرة إلى لحس تهديدات الرئيس الأميركي السنة الماضية حول عدم تجاوز الخط الاحمر الكيميائي (إذ هي لحسته ثلاث مرات في السابق)، بل لأن السكوت عنه قد يعرّض أمن إسرائيل إلى الخطر.
كيف؟ لماذا؟
لأن إدارة الظهر الدولية لهذا الأمر، سيشجع العديد من الحركات الجهادية، خاصة منها التي تضع إسرائيل على جدول أعمال استهدافاتها، على العمل للحصول على أسلحة كيميائية لاستخدامها ضد الدولة العبرية.
وهذا قد يخلق واقعاً جديداً وخطراً في موازين القوى الشرق أوسطية، لاتستطيع إسرائيل القبول به أو العيش وفق قواعده.
ولذا كان مثيراً أن يكون العنوان الرئيس لصحيفة هآرتس الإسرائيلية اليوم هو:" إسرائيل تأمل حفز أوباما على العمل، من خلال تأكيد استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية".
- III -

خلاصة غريبة، أليس كذلك؟
بالتأكيد. وهي تدل على الدرك الذي وصلت إليه العلاقات الدولية، حيث لاترى الدول الكبرى من المأساة المروعة لمئات الأطفال والنساء والشبان القتلى  في الغوطة، سوى المخاطر التي "قد" تحدق بأمن إسرائيل، وسلامة إسرائيل، وازدهار إسرائيل.

سعد محيو





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق