للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الثلاثاء، 23 أبريل 2013

حزب الله وسورية: تورُّط كامل أم لعب على حافة الهاوية؟



- I -
هل قرر حزب الله الانغماس الكامل في لجج الحرب السورية؟
نصر الله وخامنئي: إلى أين في سورية.؟(الصورة من غوغل

ثمة اجتهادان هنا:
الأول يقول أن الأمر على هذا النحو بالفعل. وأنصاره يستشهدون بكلام الرئيس السوري بشار الأسد الأخير أمام وفد 8 آذار اللبناني، الذي نعى فيه سياسة النأي بالنفس اللبنانية، ودعا حلفاءه اللبنانيين إلى الانخراط معه مباشرة وعلناً في قتال المعارضة المسلحة. كما يقولون أن زيارة السيد حسن نصر الله إلى طهران، والتي سرت أنباء بأنه تلقى خلالها طلبات مباشرة من أية الله خامنئي بوضع كل ثقل الحزب إلى جانب نظام الأسد، على الأٌقل مرحليا.
الاجتهاد الثاني يشير إلى أن التورط العسكري للحزب في سورية سيكون محدوداً استراتيجياً بمجرد تأمين مثلث حمص- اللاذقية- دمشق الذي يعمل النظام السوري الآن على محاولة تأمينه تمهيداً ليس فقط للدفاع عن العاصمة، بل أيضاً لخوض حرب طويلة الأمد إنطلاقاً منه.
أي السيناريوهين الأقرب إلى الصحة؟
- II -
الكثيرون في لبنان والمنطقة يتمنون أن يكون تورط حزب الله محدوداً كما كان طيلة السنتين الماضيتين. إذ من شأن تحقق السيناريو الأول أن يجر لبنان برمته إلى أتون الحرب الأهلية السورية، على قاعدة صراع سنّي- شيعي واسع النطاق يمتد هلاله من طهران إلى حارة حريك في بيروت مروراً ببغداد ودمشق.
والأرجح في هذه الحالة أن يتخذ الصراع في لبنان شكلاً أمنياً شبيهاً إلى حد بعيد بالنموذج العراقي الراهن، حيث تقوم المنظمات الجهادية السنّية بعمليات انتحارية وتفجير سيارات مفخخة في الضاحية الجنوبية من بيروت، فترد عليها المنظمات الشيعية المتطرفة (وهي قوية الحضور على يمين حزب الله) بالمثل في المناطق السنّية. وبالطبع، تدخل المخابرات السورية والإسرائيلية وغيرها من الأجهزة على هذا الخط لتأجيج نيران الصراع.
قد لاتصل الأمور في لبنان في هذه الحالة إلى مرحلة الحرب الأهلية مع خطوط تماس واضحة بين السنّة والشيعة، أو بين قوى 14 و8 آذار، لكن بطن لبنان سيكون مفتوحاً في كل حين على هذا الاحتمال، خاصة مع الضغوط الشديدة والمتواصلة التي يمارسها النظام السوري لتحويل حربه الداخلية إلى حرب إقليمية شاملة.
- III -
حتى الآن، المؤشرات تدل على أن السيناريو الثاني (المحدود) لاتزال له اليد العليا. وهذا كان واضحاً من الصفقة الإيرانية- السعودية الكبرى التي تم بموجبها تكليف تمام سلام المقرَّب من الرياض تشكيل الحكومة الجديدة، والتي فسّرها الكثيرون على أنها مسعى لتنفيس الاحتقان السنّي- الشيعي وبالتالي لمنع تمدد الحرب السورية إلى لبنان.
مؤشر آخر هو استمرار تمسُّك حزب الله بروايته "الوطنية اللبنانية"، أي أنه يقاتل في سورية للدفاع عن مواطنين لبنانيين يقطنون قرى حدودية سورية. وهذه الرواية، على ضعف منطقها، مهمة لأنها بمثابة إشارة إلى وجود رغبة في تجنب الوقوع كليا في في فخ السيناريو الأول.
بيد أن المشكلة هنا هي أن حزب الله ليس اللاعب الوحيد على الساحة اللبنانية. فماذا لو عمدت المخابرات السورية، مثلاً، قبل جبهة النصرة أو غيرها من المنظمات الجهادية، إلى تفجير السيارات الملغومة في المناطق الشيعية ؟ (قيل أن حزب الله اكتشف مؤخراً ثلاث سيارات مفخخة في الضاحية الجنوبية من دون الإعلان عن ذلك) ألن يؤدِ ذلك إلى سلسلة ردود فعل تفقد فيها الأطراف اللبنانية المعنية السيطرة على الوضع؟
هذا الاحتمال ليس مستبعداً على الإطلاق. ويكفي هنا أن نتذكر سيناريو التفجير واسع النطاق الذي عهدت به المخابرات السورية إلى الوزير السابق ميشال سماحة، والذي كان سيؤدي لو رأى النور إلى اشتعال أعمال عنف طائفية في الشمال وفي باقي أنحاء لبنان.
ماذا تعني كل هذه المعطيات؟
أمراً واحدا: حزب الله وضع لبنان على منعطف خطر بمعاركه في مثلث حمص- دمشق- اللاذقية، حتى ولو كان هدفه محدودا. فهو يلعب يرمي بعيدان ثقاب مشتعلة في حقل من العشب اليابس سريع الاشتعال.
والمخرج الوحيد الآن من احتمال تدهور الوضع الأمني بسرعة ، أو خروجه عن نطاق السيطرة، في الداخل اللبناني، هو الاسراع في تسهيل ولادة حكومة سلام.
لماذا؟
لأن هذا سيكون أهم مؤشر على أن حزب الله وحلفاءه لم يخضعوا تماماً إلى ضغوط الأسد وإملاءاته، وأن شعار النأي بالنفس العقلاني لايزال حياً، وإن جزئيا.

سعد محيو


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق