للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الأربعاء، 9 يناير 2013

العراق ولبنان: توأمة بائسة



- I -
هل أصبح لبنان والعراق "توأمان"؟
أجل، بعد أن أصبح ماضي لبنان هو حاضر العراق، عبر تسييد الطائفية فكراً ومؤسسات وعصبيات على البلاد.
قارنوا مايحدث الآن في البلدين:
في بلاد الأرز يتنازع قادة الطوائف هذه الأيام (كما في كل موسم انتخابي) على قوانين انتخابية كل منها أسوأ من غيرها على الصعيد الوطني، حيث تصب جميعها في خانة تعميق الانتماء الطائفي والمذهبي على الانتماء المواطني والوطني.
 على رأس هذه القوانين الآن المشروع الارثوذكسي الذي يطلب أن تنتخب كل طائفة نوابها في كل كل أنحاء لبنان، الأمر الذي قد يسفر عملياً عن حصيليتن:
الأولى، أن يكون هناك 18 برلماناً على عدد الطوائف اللبنانية تجتمع اسمياً تحت سقف مبنى واحد. والثانية أن تكشف الانتخابات، وفق هذا المقترح، عن العدد الحقيقي (الضئيل) للديموغرافيا المسيحية، الأمر الذي يفتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها أمام المطالب بنسف صيغة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
وهكذا، بدل أن يلجأ اللبنانيون إلى حل دولة المواطنة الديمقراطية الضامنة لكل الأقليات والأغلبيات على حد سواء، يواصلون الهروب الانتحاري إلى كارثة الانقسامات الطائفية التي تنتج حرباً أهلية دموية كل نحو عشر سنوات.
- II -
انتقلوا الآن إلى العراق.
هناك، ستجدون بلاد الرافدين تسير خطوة خطوة، ولكن بثبات، نحو "الفخ" اللبناني، وتقترب على نحو خطر من الحروب الاهلية الموسمية، على رغم أن العراقيين يتكونون من دين واحد ويشهدون ظاهرة زيجات واسعة بين عناصر المذهبين الشيعي والسني.
ما أوصل العراق إلى هذه المرحلة كانت بالطبع قوانين الغزو الأميركي التي دمّرت الدولة العراقية وأطلقت الانقسامات المذهبية من عقالها. لكن ما كرّس هذه الانقسامات وعززها كان البروز السريع لأمراء طوائف على غرار أمراء لبنان وجدوا مصلحتهم السياسية في بقاء النظام الطائفي، فانطلقوا في عملية بناء للسلطة ولمشروع الدولة على أسس مذهبية.
رئيس الوزراء نوري المالكي كان على رأس طبقة الأمراء الجدد هؤلاء. فهو عمد أولاً إلى القيام بعملية تدمير منهجي لتكتل العراقية الذي شكّل فرصة جدية لتكوين سياسي علماني، أو على الأقل عابر للطوائف، معبِّر عن تطلعات الطبقة الوسطى العراقية بمجملها، ثم تحرك لإعادة بناء دولة أمنية- عسكرية على أسس العصبية المذهبية.
وآخر انجازات المالكي في هذا الصدد كان قراره بمواجهة تظاهرات الأنبار والشمال بتظاهرات شيعية في الجنوب، بدل العمل على نزع فتيل مشاعر التهميش والغضب السنّية.
والحصيلة معروفة: اندفاع العراق حالياً كقطار سريع انحرف عن خطه نحو هاوية ليس لها قرار، وافتقد إلى سائقين كفؤين يخففون على الأقل من حجم الكارثة التي تفاقمها بشدة التطورات الدموية المريعة عند الجار السوري.
- III -
العراق ولبنان، إذا، بدءا يصبحا بالفعل توأمين. وإذا ما انضمت إليهما غدا سورية عبر نظام طائفي جديد على غرار اتفاق الطائف الطائفي اللبناني، سيكون المشرق العربي برمته على موعد
مع "اللببنة" الكاملة.
وللتذكير: "لبننة لبنان"، أي إقامته على أسس طائفية، أدت إلى حروب أهلية ساخنة وباردة متصلة فيه منذ العام 1840 في القرن التاسع عشر وحتى العام 2013 في القرن الحادي والعشرين.
توأمة بائسة، أليس كذلك؟

سعد




هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف9/1/13 23:29

    What you have addressed as Leaders may be only to whom they are working for as defiantly they are not working for their People as our Lebanese President They are only doing what the click message from their Employer

    ردحذف
    الردود
    1. اكون سعيداً لو أتشرف بمعرفتك

      حذف