للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

أي سورية ستولد من "فوضى" الإسلام السياسي؟



- I -
أي سورية جديدة ستولد من رحم الأتون الدموي الراهن؟
هذا السؤال قد لايكون مطروحاً هذه الأيام على فصائل المعارضة السورية المختلفة، علناً على الأقل، طالما أن نظام الأسد لايزال متمرساً في دمشق (على رغم أن كبار أركانه بدأوا ينتقلون إلى طرطوس وجبال العلويين)، وطالما أـنه لايزال يملك التفوق في أسلحة الجو والصواريخ وأدوات الفتك الكيمائي.
الدليل على عدم انشغال فصائل المعارضة العلني بسؤال الولادة الجديدة بسبب انهماكها في ترتيب جنازة نظام الأسد، كان رد فعلها المفاجيء على تنصيف واشنطن لجبهة النصرة المتطرفة في خانة الإرهاب. إذ على رغم أن الإئتلاف الوطني المعارض، الذي نال مؤخراً اعتراف 120 دولة به، ينظر بعين القلق الشديد إلى هذا التنظيم السلفي الجهادي الذي لم يخف رفضه القاطع لأي برنامج وطني لاديني في سورية، إلا أنه ندد بالخطوة الأميركية ودافع عن دور النصرة القتالي. وقد عنى ذلك أن الإئتلاف غلّب ضرورات إسقاط نظام الأسد على محظورات التعاون مع تنظيم مدان دوليا، ومرفوض من قِبَل كل أطياف الإسلام المعتدل.
- II -
بيد أن هذا الموقف "التأجيلي"  المؤقت إذا جاز التعبير، حيال مستقبل سورية، لايلغي الحقيقة بأنه مع كل حديث أميركي وأطلسي وأوروبي (ومؤخراً روسي) عن قرب سقوط النظام واقتراب المعارضة المسلحة من النصر، تتصاعد الضغوط الدولية والإقليمية من كل الأنواع للتأثير على حصيلة الحرب الأهلية الراهنة في بلاد الأمويين. وهذا بالطبع له تأثير كبير على التفاعلات الداخلية السورية.
فعلى سبيل المثال، كل من قطر والسعودية وتركيا (ويقال أيضاً إسرائيل) تدعم أطرافاً سياسية ومسلحة ومتباينة إيديولوجياً في المعارضة السورية في الداخل كما في الخارج.
كتبت مجلة التايم مؤخرا:" الفوضى واللاثقة تبتليان أثنان من الأسياد الدوليين للمتمردين السوريين وهما السعودية وقطر اللتين لم تعودا تقرءان من الصفحة نفسها حين يتعلق الأمر بتحديد مَنْ مِنَ المجموعات المسلحة التي تنبت كالفطر يجب تسليحها. وهكذا، هما تدعمان وتمولان الآن فصائل متعارضة للغاية".
وما يحدث خليجياً في سورية، يتكرر بحذافيره أيضاً أوروبيا وأميركيا، حيث تدعم واشنطن وبروكسل فصائل بعينها، مثل الأئتلاف الوطني وبعض الأجنحة العلمانية أو الوطنية في الجيش الحر، وتضغط على الخليجيين لوقف دعم الفصائل الجهادية أو المتطرفة.
بيد أن اليد العليا في الداخل تبدو أكثر فأكثر للفصائل التي تتبنى شعارات الأسلام السياسي، خاصة وأن التمويل والتسليح الخارجيين (من دول الخليج) بات مشروطاً بتقديم هذه الفصائل "أوراق اعتماد" دينية من هذا النوع. هذا في حين أن الفصائل الوطنية داخل الجيش الحر، والتي أنشق معظمها عن الجيش الرسمي، تبدو "فقيرة" مالياً وتسليحاً بالمقارنة مع الكتائب الإسلامية.
هذا الواقع تجلى بوضوح الشهر الماضي حين سيطرت المنظمات الإسلامية بالكامل تقريباً على الشمال السوري، ثم سارعت بعد ذلك إلى توحيد صفوفها. فبعد أكثر من شهر من الاجتماعات السرية، توصّل قادة المقاتلين الإسلاميين (بما في ذلك لواء الفاروق الشهير والقوي الذي يعمل أساساً في محافظة حمص، ولواء صقور الشام في إدلب) إلى تشكيل جبهة أطلقوا عليها اسم "جبهة تحرير سورية" بقيادة "أبو عيسى" الذي قال:" إننا فخورون بإسلاميتنا وبأننا إسلاميون. إننا نريد دولة ذات مرجعية إسلامية".
إلى هذه الجبهة الجديدة يجب أن تضاف جبهة النصرة، وهي النجم الصاعد في الانتفاضة السورية، والمسؤولة عن معظم العمليات الانتحارية. وعلى رغم أن للجبهة روابط مع تنظيم القاعدة، إلا أنها سورية المنشأ والمنبت. ثم أنها تُزاوج بين الإديولوجيا السلفية المتصلبة وبين المرونة البراغماتية عبر العمل المشترك مع فصائل أخرى. وهذا مابدأ يعطيها وجوداً ونفوذاً في بعض أوساط المواطنين السوريين.
وثمة منظمات سلفية شبيهة بجبهة النصرة، لكنها أقل منها نفوذاً ونشاطا، وهي فتح الإسلام، وكتائب عبد الله عزام، والقاعدة في العراق. كما هناك منظمات تنتمي إلى الإسلام السياسي مثل "صقور الشام" وكتائب الأمة. أما كتائب "أحرار الشام" فهي تتأجح بين السلفية وبين تيار الإسلام السياسي.
- III -

كل هذه الفصائل، ومعها عدد كبير من الكتائب المسلحة التي يقال أن عددها يناهز الـ400، سيكون معظمها في حالة حرب مع بضعها البعض حال سقوط نظام الأسد،( أو على الأقل إذا ماانسحب إلى القلعة العلوية)، للسيطرة على السلطة الجديدة في دمشق.
فلمن سيُكتب الفوز؟

(غدا نتابع)
سعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق