للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

كتب جديدة: التاريخ لم ينته، والحروب آتية





مستقبليات 




- I -
حين إحتفل  الغرب بإنتصاره في الحرب الباردة ، بدت صورة العالم زاهية. فالاقتصاد الجديد وحصص السلام، وعدت بنمو إقتصادي متواصل. والولايات المتحدة أصبحت الدولة العظمى التي يتوقع ان تنتهج سياسات خيرة وحميدة إزاء الدول الاخرى.
- الحروب الشاملة آتية؟  الصورة من غوغل

بيد أن كل شيء تغيّر الان. فالاسواق تهاوت. والاقتصاد الجديد أثبت أنه هش. ويتعين على الاستراتيجيين أن يسألوا أنفسهم: ماذا ستعني كل هذه التطورات بالنسبة للأقتصاد والاعمال؟. هل هذه مجرد مرحلة من سوء الحظ، أم انها تتعلق بتغيير جذري؟ أي نوع من العالم نعيش فيه حاليا؟.
معظم النظريات الاستراتيجية حول هذه الاسئلة تعود الى حقب الصراع السوفياتي- الاميركي . وهي تتمحور حول خمسة إفتراضات .
الاول يقول أن النمو الاقتصادي هو القاعدة وأن  دورات الركود هي الاستثناءات .
والثاني ، أن إنتاج الموارد الطبيعية سيستمر. وأي  يحدث نقص في مورد ما،  سيقود الى إستبداله بمورد آخر تبدعه التطورات التكنولوجية.
والثالث، هو أن الشركات التي يملكها حاملو الاسهم، ستبقى الشكل المهيمن على التنظيم الاقتصادي. وفي الوقت ذاته، ستعمل هذه الشركات في سوق حرة، في إطار قيود القانون والحكم الصالح.
والرابع، أن مصدرا مهما للنمو بالنسبة  للكثير من الشركات، سيتمثل في بيع خدمات على النمط الغربي للأجزاء الاخرى من العالم .
والخامس، أن النماذج الغربية لرأسمالية السوق الحرة والانتخابات الديموقراطية ستنتشر بالتدريج في كل انحاء العالم .

- II -
هذه الافتراضات ثبتت صحتها بالنسبة إلى معظم الدول الغربية، وخاصة الشركات الاميركية، طيلة الفترة بين 1945 و2000. وقد توّج فرانسيس فوكوياما هذه النزعة التفاؤلية الغربية بنظريته حول " نهاية التاريخ والانسان الاخير" ( 1992 ) . بيد أن رؤية فوكوياما تبدو الان متطرفة الى درجة الغلو في تفاؤلها.
وقد صدر مؤخراً كتب عدة تثبت وجود هذا الغلو .
فكتاب هاتون (العالم الذي نعيش فيه) ، على سبيل المثال ، ينحو باللائمة للمشاكل الراهنة في العالم على سيطرة اليمين على السياسات الاميركية. وهو يشدد على أن على الخلافات في منظومة القيم بين الولايات المتحدة وبين الدول الأوروبية لاتزال تهيمن فيها إيديولوجية تشكلت في عصر الانوار. بيد أن مثل هذه الايديولوجية لم تعد مناسبة الان لتلبية حاجات عالم متنوع ومتعدد الثقافة. والحل الذي يقدمه هاتون ، مثلا ، لبريطانيا، هو ان تلتحق عن كثب بأوروبا لتشكل قوة بديلة في العالم لموازنة الهيمنة الثقافية والاقتصادية والسياسية الاميركية .
ويدعم المؤلف فكرته بالعديد من الامثلة والحقائق والارقام. وهو على حق حين يقول أن لبريطانيا قواسم  مشتركة كثيرة مع اوروبا. لكنه يبدو متفائلا أكثر من اللازم حين يعرب عن إعتقاده بأن إندماج المملكة المتحدة بأوروبا سيحل المشاكل الاوسع.
الكتاب الثاني، وهو لهرتز (الصمت يسيطر) يرى المشكلة في الحرية المطلقة التي تتمتع بها الشركات الكبرى. وهو يقول إن هذه الشركات تسيطر الان على 25 في المئة من أرصدة العالم، وقد هيمنت بصمت على الحكومات التي أصبحت ألعوبة في يدها . فهي (الشركات) باتت ربة عمل السياسيين ومصدر أموالهم. وهي متحركة جغرافيا ولذلك تختار القوانين التي تعجبها أو تلائمها .الاغنياء يصبحون أكثر غنى، والفقراء أكثر فقراً. ومدى تعمق الكراهية للرأسمالية الجديدة تكشف عنه التظاهرات الحاشدة التي تجري بين الفينة والاخرى ضد العولمة. اما الأرهاب فليس سوى رأس جبل جليد المعارضة المختفية تحت السطح .
وتحبذ  المؤلفة هيرتز تغيير المسار لتجنب خسارة هوية الفرد والهوية القومية على يد ديناصورات الاقتصاد. وهي تتقدم بجملة إقتراحات لوضع الشركات العملاقة قيد السيطرة. وعلى سبيل المثال، الشركات الأم يجب أن تكون مسؤولة عن سلوكيات وممارسات فروعها في سائر أنحاء العالم .والعمال والمجتمعات يجب أن تعطى المدخل الى صندوق المساعدات القانونية. يجب تأسيس منظمة إجتماعية عالمية لموازنة الانحياز الى السوق الحر الذي تقوم به منظمة التجارة العالمة . ديون العالم الثالث يجب أن تشطب لتخفيف المشاكل التي تتعرض لها .
وتصف هيرتز بالتفصيل المشاكل التي تسببت بها إقتصادات السوق غير المقيدة، وتحذر من أن الامر الواقع الراهن لايمكن أن يستمر .
الكتاب الثالث لليغران ( عالم مفتوح : الحقيقة حول العولمة ) يشذ عن الكتب السابقة، من حيث تركيزه على أن الميكانيزمات الراهنة لحكم العالم أثبتت نجاحها، ويمكن أن تصبح أفضل مع بعض التعديلات .
ويشير ليغران، الذي عمل في منطمة التجارة العالمية، أن العولمة ليست شيئا جديدا. وهو يقدم تاريخا موجزا لها ، ويثبت ان كل نتائجها كانت إيحابية .ويطل المؤلف على الشركات متعددة الجنسيات على انها " عمالقة بأرجل من طين " ولا تشكل سوى خطرا خياليا على الحكومات . كما يقول أن المؤسسات الراهنة لحكم العالم لا تزال ناجحة من دون حاجة الى تغييرات بنيوية في مؤسساتها ، ويدعو الى مزيد من التحرير لأسواق المال .
الكتاب الرابع لسكروتون ( الغرب والباقون ) يركز على أسباب احداث 11 أيلول/سبتمبر . وهو يحلل العلاقة بين العالم الغربي والاصولية الاسلامية ، مشيرا الى أن الغرب ، على عكس ما فعل في الصين والهند ، قسم العالم الاسلامي بحدود إصطناعية. هذا إضافة الى أن المنطقة الاسلامية ستجد من الصعب عليها قبول القيم المادية الغربية بسبب تعلقها  بالقيم الروحية، الامر الذي سيعني دوما وجد فجوة بين الاسواق الحرة الاميركية وبين القيم الاسلامية .
الكتاب الخامس لغراي ( الفجر الكاذب ) يقول أن الصراع بين الرأسمالية والشيوعية كان في الحقيقة نزاعاً بن أيديولوجيتين متنافستين للثقافة الاوروبية  نفسها: التنوير . وهو يوافق على أن مستقبل العالم سيكون رأسماليا، لكنه يرى بروز العديد من الرأسماليات بدون أن يكون بينها قواسم مشتركة كثيرة .وبالتالي ، من الخطأ محاولة فرض الرأسمالية الاميركية في كل مكان .
غراي ليس متفائلا بالمستقبل ، ويخشى ان تنتهي المرحلة الذهبية الراهنة بحروب شاملة.
والأرجح أنه على حق.
______
لمن يستزيد:
 (Hugh Macmillan : strategic planning society- newsletter- 2009 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق