للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الأحد، 25 نوفمبر 2012

مرسي: "مُستبد عادل" أم وطني ديموقراطي؟





جماعة الأخوان المسلمين وصلت إلى مفترق طرق خطر: فإما أن تختار الإجماع الوطني لبناء الدولة الديمقراطية الدستورية، أو تعود إلى عزلتها التاريخية في الحياة السياسية. وحينها سيكون الجيش- المخابرات بانتظارها.

 الممثلة بسمة تتظاهر ضد مرسي: هل يعود الإخوان إلى العزلة؟ - الصورة من غوغل- 

- I -
الرئيس محمد مرسي على حق حين يقول إن الجهاز القضائي في مصر، الذي عيّنه الرئيس السابق مبارك، يعيق العملية الدستورية- الديمقراطية.
فهذا الجهاز، الذي حلّ قبل ذلك مجلس الشعب والجمعية التأسيسية الأولى للدستور، يعمل كردع الحماية الأخير لـ"الدولة العيمقة" الاستخباربة- العسكرية المصرية. وهو كان ينشط مؤخراً لحل الجمعية التأسيسية الثانية.
لكن الرئيس مرسي لم يكن على حق حين أراد، ضمناً، أن يقيم مكان سلطة القضاء القديم سلطة الإخوان المسلمين المنفردة. وهذا تجلى بوضوح حين نفَّر القوى المدنية والعلمانية والقبطية الأعضاء في الجمعية التأسيسية ودفعهم إلى الاستقالة، الأمر الذي خلق تحالفاً مصلحياً جديداً غير معلن بين المعارضة المدنية وبين أنصار النظام االسابق.
وللتذكير، هؤلاء أنصار النظام يضمّون قوى مادية هائلة تتمثّل ليس فقط في جهاز القضاء، بل أيضاً في المؤسسة العسكرية وأجهزة المخابرات والبيروقراطية التي خرجت متماسكة وسليمة من أتون الثورة المصرية. هذا فضلاً عن أن الأنصار حصدوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة نحو 49 في المئة من أصوات المصريين.
والآن، يقوم الرئيس مرسي، عبر إعلانه الدستوري الذي يبدو نسخة مطابقة للمبدأ الإسلامي السياسي الشهير في التاريخ "المستبد العادل"، بإضافة جماهير المعارضة المدنية التي أطلقت شرارة ثورة يناير إلى جماهير النظام السابق. وهذا سيؤدي إلى عزل جماعة الإخوان مرة أخرى في الحياة السياسية المصرية، وسيلقي بظلال قاتمة على مستقبل تيار الإسلام السياسي في كل المنطقة العربية.
لماذا؟
- II -
لأنه مالم يستطع هذا التيار ممارسة السلطة السياسية عبر الإجماع والوفاق الوطني مع كل فئات المجتمع، خاصة المدنية منها، سيتحوّل شاء أم أبى إلى سلطة استبدادية لن تجد طريقة لشق طريقها نحو الشرعية سوى القمع ومصادرة الحريات، وصولاً إلى مرحلة الاستبداد.
لكن، حتى مثل هذا الخيار الأخير لايبدو في متناول يدها.
فأجهزة "الدولة العميقة"، من جيش ومخابرات، تترصد هذا التيار الآن وتنتظر أن يرتكب "خطئيته النهاية" من خلال إعادة نفسه إلى قفص العزلة. وحينها، لن تتردد فب القفز على السلطة وتمزيق الإخوان، لكن هذه المرة تحت شعار "حماية الثورة المصرية".
- III -
ماذا يعني كل ذلك؟
إنه يعني أن جماعة الأخوان المصرية وصلت إلى مفترق طرق خطر:
 فإما أن تلجم شهوتها للانفراد في السلطة، وتدرك أن بناء دولة دستورية ديمقراطية أمر يختلف تماما عن الفوز بأكثرية الأصوات النيابية، لأنه يتطلب اجماعاً وطنياً لا إخضاع الأقلية إلى الأكثرية. وهذا يعني العودة إلى شعار الإخوان قبل الثورة: "المشاركة لا المغالبة".
وإما أن تخضع الجماعة إلى  شهوة السلطة المطلقة، فتفقد القدرة على لم الشمل الوطني حولها، وتُفشل بالتالي أول تجربة لها في السلطة السياسية. والجيش- المخابرات أكثر من جاهزين للقيام بهذه المهمة.
فماذا ستختار؟
لانريد أن نصدّق أن بيان رئيس الوزراء قنديل الذي خيَّر فيه المصريين بين البناء وإراقة الدماء، هو الموقف النهائي لجماعة الأخوان. لأنه إذا ما كان كذلك، ستكون الجماعة في الواقع قد "كفرّت" المجتمع (مجددا) و"هجرت" الإجماع الوطني الذي كان وراء انتصار ثورة يناير ووراء وصولها إلى الحكم.

سعد

هناك تعليق واحد: