للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الخميس، 4 أكتوبر 2012

هل يقع أردوغان في "فخ" الأسد؟





- I -
"نرفض بشدة الانخراط في مجابهة ثنائية مع دمشق. إن هذا فخ".
هذا كان موقف رئيس الوزراء التركي أردوغان غداة قيام قوات النظام السوري بإطلاق النار عبر الحدود على مخيمين للاجئين السوريين داخل الأراضي التركية.

(تأهب تركي على الحدود السورية (الصورة من غوغل

لكن هذا كان في نيسان/إبريل الماضي. وحينها، اكتفت أنقرة بتوجيه تحذيرات وتهديدات إلى السلطات السورية بـ"عدم تجاوز الخطوط الحمر في تعاطيها مع الأمن القومي التركي".
أما الآن، فقد انتقلت تركيا من التهديد النظري إلى التنفيذ العملي، حين قامت قواتها بقصف مواقع الجيش الرسمي السوري في مناطق إدلب، رداً على هجوم بالمورتر على قرية تركية. كما أن البرلمان التركي سيعقد اليوم (الخميس) جلسة طارئة للبحث في منح الجيش التركي صلاحية  القيام بعمليات عسكريةعبر الحدود السورية، أسوة بسماحه بعمليات مماثلة عبر الحدود العراقية.
فهل يعني كل ذلك أن الأزمة السورية على وشك التحوُّل إلى مجابهة، أو حتى حرب، إقليمية؟

- II -
ليس بعد، على رغم أن هذا مايريده الأسد. لكن، لاتجري الرياح الإقليمية دوماً كما تشتهي سفن النظام السوري.
صحيح أن الرد العسكري التركي جاء سريعاً. وصحيح أن حلف شمال الأطلسي وقف "وقفة رجل واحد" إلى جانب أنقرة حين وافقت 26 من أصل 28 دولة فيه على الحديث بلسان قوي واحد ضد الخرق السوري للقوانين الدولية، إلا أن كل ذلك لايزال أقرب إلى زوبعة داخل فنجان.
فالعملية التركية في أدلب كانت محدودة وقصيرة الأمد. وحلف الأطلسي لم يجتمع تحت البند الخامس من ميثاق الحلف، الذي يعتبر أي هجوم على أي دولة عضو فيه هجوماً على كل الدول، بل تحت البند الرابع الذي يسمح فقط بإجراء مشاورات حول تهديدات محتملة لإحدى الدول الأطلسية.
والأهم من هذا وذاك أن أرودوغان يعي تماماً أن الرئيس السوري بشار الأسد يبذل جهوداً كثيفة منذ أشهر عدة لتحويل الأزمة السورية إلى مجابهة إقليمية، لأن ذلك قد يمكِّنه (كما يعتقد) من النفاد بجلده من المقصلة الداخلية المتفاقمة. وبالنسبة إليه، أفضل أن يجري ذلك قبل الانتخابات الأميركية التي تشهد شللاً كاملة في عملية صنع القرار الأميركي (وبالتالي الأطلسي)، من أن يجري بعدها حين سيكون أي رئيس أميركي أكثر استعداداً بكثير للتجاوب مع طلب تركيا عدم تركها وحيدة في مجابهة حلفاء الأسد الروس والإيرانيين.
هذا ما أسماه أردوغان "الفخ". وهذا ما سيحاول تجنُّب الوقوع فيه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إلى أن يبين الخيط الأبيض من الأسود في مواقف حلفائه الأميركيين والاطلسيين.
وهذا يعني أنه سيكتفي بالرد بشكل محدود على الاستفزارات السورية، إلا إذا ما دفعت دمشق أكراد شمال سورية إلى القيام بعمليات واسعة النطاق ضد تركيا. إذ حينها ستسقط بالنسبة إلى أنقرة كل اعتبارات الحيطة الأمنية، وكل حسابات الحذر من ردود الفعل الروسية والإيرانية على عملياتها العسكرية. وهذا سيكون بالدرجة الأولى هذه المرة بقرار من الجيش التركي العلماني نفسه الذي قد يتسامح مع كل شيء ما عدا تهديد الأكراد للأمن القومي التركي، وليس من الحكومة ذات الجذور الإسلامية.
- III -
لقد أثبتت الحرائق على الحدود التركية- السورية أن الأسد يحاول بشتى الطرق دفع الأزمة السورية إلى درجة الغليان الإقليمي. وهذا قد لايشمل هذه الحدود التركية فقط، بل ربما يطال أيضاً "الأمن الإسرائيلي" في الجولان، والعمق الاستراتيجي العلوي في شمال لبنان. فالغريق لا يخشى من البلل.
لكن، هل سيسمح له المجتمع الدولي، بما ذلك روسيا نفسها وحتى "حليفته الضمنية" إسرائيل، بذلك؟
فللنتظر قريبا لنر. لكن لنركّز أنظارنا ليس فقط على كيفية تعاطي تركيا مع "أفخاخ" الأسد، بل كذلك على طبيعة ردود الفعل الروسية والإسرائيلية على هذه الأندفاعة الأسدية نحو تفجير إقليمي قد نعلم كيف يبدأ، لكن ليس وسع أحد التكهن (مجرد التكهن) حول كيف ينتهي.

سعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق